قرأت هذا المقال في موقع ما و قد أثاراني بشدة وخفت أن تنتابني نوبة من الخبل ..و لأني أردت مشاركتكم معي في الاطلاع علي هذه الفكرة -وليس الخبل- وكذلك تلبيتي للنداء أن اشارك علي المنتدي ، فلنعيش معا في طيات هذا المقال المثير وسأعود لكم فلعلها تكون البداية ... : الجنون في معرض الكتاب
من العبارات الأدبية النثرية الملتصقة في ذاكرتي منذ المرحلة الثانوية قول الأديب مصطفى صادق الرافعي في كتابه تاريخ الأدب العربي: «إن العقل الكبير في كماله ليتمثل في العقول الصغيرة كأنه جنون، وإن النجم المنير فوق هلاله ليظهر في العيون القصيرة كأنه نقطة فوق نون»…
ذكرت هذه الجملة عندما قرأت كتاب «الزمن» لأحمد زويل الذي حصل على جائزة نوبل في العلوم بعد ان استطاع مع فريق العلماء الذين أشرف عليهم في أميركا ان يجزئ الثانية إلى جزء من مليون بليون جزء من الثانية، وهي السرعة المتطلبة لرصد الذرات وهي في حال حركة وأطلقوا عليها (الفيمتو ثانية)… الزمن هو لغز الألغاز الوجودية منذ آلاف السنين. يقول زويل في كتابه الزمن: «اننا لا نعرف بالفعل ماهية الزمن، الأمر الذي وضعنا أمام مناطق رمادية بين العلم والفلسفة». وقد تسألني وما صلة ما تقول بقضية عنوان المقال «الجنون»؟!
والجواب أن كتاب الزمن لأحمد زويل الموجود الآن في معرض الكتاب - دار الشروق المصرية - وصلني قبل اسبوعين من بدء المعرض من الاستاذ علي السند - المعيد في كلية التربية الاساسية، ونسخة أخرى للدكتور صبري الدمرداش، وانتهيت من قراءة الكتاب الصعب لأنه علمي تخصصي بحت… لكن يمكن فهم الفكرة الكلية منه، لا سيما اذا استعنت بأهل الاختصاص.
وفي جلسة عمل في قناة «الراي» جمعتني مع الدكتور صبري الدمرداش والمخرج باسم عبداللطيف لاعداد برنامج جديد حواري علمي أتيت بنسخة الدكتور صبري معي وكان معنا في اللقاء أحد الزملاء الفنيين المهنيين في القناة، فطلبت منه أن يقرأ صفحة (35) ويعطيني رأيه، فلما انتهى من قراءتها قال: هذا جنون… كلام غير منطقي… وضد الدين والعقل معا!! فهل رأيه معقول أو طلبي منه قراءة الصفحة هو الموقف الخطأ؟… فلأسرد لكم كلام الحائز على جائزة نوبل ليس في الآداب والروايات، لكن في علوم تدمج الفيزياء بالكيمياء بالرياضيات، قال الدكتور أحمد زويل: «وربما كانت مسألة انعكاس الزمن، بمعنى أن الزمان يمضي الى الخلف ويسير الى الوراء. هي أكبر التحديات… ومن الناحية النظرية فان السير من الزمان الى الوراء أمر ممكن، برغم وجود العديد من الصعوبات والعقبات في السبيل الى ذلك. فإذا ما تحقق هذا الحلم يوما ما، فان مسافرا في الزمان الى الوراء قد يتمكن من تغيير أحداث وقعت بالفعل وأدت الى وجوده هو نفسه في الحياة، كأن يمنع زواج أحد أجداده مثلا، ذلك الزواج الذي كان هذا المسافر من نتائجه! أما السفر ثنائي الاتجاه في الزمان فهو شيء غريب حقا، فقد ينتهي بالمسافر، اذا ما تخطى العقبات المتوقعة الى الدخول الى عالم غريب بفيزياء غريبة! ومن ثم فانه على الرغم من عجائب الزمن وأثرها في حياتنا فاننا لانزال نبحث عن معنى الزمن، ولا غرابة في ذلك، فالزمن هو واحد من أكثر الصفات المحيرة والغامضة وغير المفهومة في الكون رغم انه منسوج فيه.
وعرضت ذات الفكرة على أحد الزملاء في جريدة السياسة قبل اسبوع أيضا اتهم الفكرة بالجنون وخاف عليّ من الخبل… ولو دقق القارئ في السطور المنقولة لأدرك ان المؤلف يعرض الفكرة من الناحية النظرية وليس التطبيقية، أي من خلال التجريد العقلي المحض في الامكان الافتراضي كعشرات النظريات… وسبب ايرادي هذه الفكرة، ان العلم يقول كلاما على لسان من أعظم علماء الطبيعة الفلكيين والفيزيائيين والكيميائيين ما يشبه الجنون ويؤكدون انهم يتعاملون مع وقائع وموجودات لا يعرفون ماهيتها كالزمن (لغز الألغاز) وبعد ذلك يجادل بعض مراهقي العلمانيين المبتدئين بالالحاد ويصرون على فكرة عدم الايمان بالغيب حتى يعرفوا حقائقه بينما يؤمنون بآلاف الغيبيات والأفكار المجنونة ويسلمون لها تحت شعار العلم، ولقد وعدت في مقالات سابقة بأنني سأعود لكتاب نظرية الفوضى، طبع مؤسسة البابطين لنثبت ان الزمن ليس جاحدا وان مفهوم الزمان العلمي يهدم الالحاد.
محمد العوضي
وبعد هذا العرض ولمن دقق النظر فيه أرجو نلمس أراء أصحاب العقول النيرة ..
الطائر المغرد