أدوات جمع بيانات البحث التربوي
كثيرةً هي الأدوات التي تستخدم في البحث التربوي، ولكن من أكثرها شيوعاً، هي: الاستبانات، والمقابلات، والملاحظات، والاختبارات. ويتم اختيار هذه الأدوات وبناءها على ضوء أسس علمية؛ للوصول إلى البيانات المطلوبة، وبالتالي تحقيق أهداف البحث التربوي.
ويجوز للباحث التربوي أن يستخدم هذه الأدوات منفردة أو مجتمعة، وذلك تبعاً لطبيعة البحث، وأهدافه، وتوجهات الباحث، والإمكانات المتاحة. وفيما يلي عرض مفصل لهذه الأدوات:
أولاً: الاستبانة:
تعد الاستبانة من أكثر أدوات البحث التربوي شيوعاً مقارنة بالأدوات الأخرى؛ وذلك بسبب اعتقاد كثير من الباحثين أن الاستبانة لا تتطلب منهم إلا جهداً يسيراً في تصميمها وتحكميها وتوزيعها وجمعها.
ويتطلب توصيف الاستبانة التطرق إلى تعريف الاستبانة، وتصميمها، وصدق الاستجابات، وأنواع الاستبانة، وأساليب تطبيقها، وعيوبها على النحو التالي:
1 ـ تعريف الاستبانة:
يقصد بالاستبانة "تلك الوسيلة التي تستعمل لجمع بيانات أولية وميدانية حول مشكلة أو ظاهرة البحث العلمي" (العواملة، 1995م، ص138). كما تعني "مجموعة من الأسئلة المكتوبة يقوم المجيب بالإجابة عنها، وهي أداة أكثر استخداماً في الحصول على البيانات من المبحوثين مباشرة ومعرفة آرائهم واتجاهاتهم" (العنيزي، وآخرون، 1999م، ص135).
وتعني الاستبانة أيضاً، استمارة يصممها الباحث على ضوء الكتابات ذات الصلة بالمشكلة التي يراد بحثها، أو يحصل عليها جاهزة، ويعدلها على ضوء أسس علمية، تتضمن بيانات أولية عن المبحوثين وفقرات عن أهداف البحث، تم إعدادها بصيغة مغلقة أو مفتوحة أو الاثنين معاً أو بالصور، بحيث تصل إليهم بواسطة وسيلة معينة، مثل البريد، أو المناولة، أو نحوها، وتعود للباحث بالوسيلة ذاتها بعد الفراغ من الإجابة عنها.
4 ـ أنواع الاستبانة:
للاستبانة أربعة أنواع، هي: الاستبانة المغلقة، والاستبانة المفتوحة، والاستبانة المغلقة والمفتوحة، والاستبانة المصورة. وبمقدور الباحث أن يكتفي بنوع واحد، أو يجتمع في الاستبانة أكثر من نوع. ويتوقف تحديد نوع الاستبانة على طبيعة المبحوثين. وفيما يلي عرض لهذه الأنواع: (زيدان، شعث، 1984م)
أ ـ الاستبانة المغلقة (أو المقيدة):
وهذا النوع من الاستبانات يطلب من المبحوث اختيار الإجابة المناسبة من بين الإجابات المعطاة. ويتسم الاستبيان المغلق بسهولة الإجابة عن فقراته، ويساعد على الاحتفاظ بذهن المبحوث مرتبطاً بالموضوع، وسهولة تبويب الإجابات وتحليلها. ويعاب عليه، أنه لا يعط معلومات كافية، وغموض موقف المبحوث، إذ لا يجد الباحث من بين الإجابات ما يعبر عن تردد المبحوث أو وضوح اتجاهاته.
ب ـ الاستبانة المفتوحة (أو الحرة):
وهذا النوع من الاستبانات يترك للمبحوث فرصة التعبير بحرية تامة عن دوافعه واتجاهاته. ويتسم الاستبيان المفتوح بأنه يتيح للمبحوث حرية التعبير دون قيد. ويعاب عليه أن بعض المبحوثين قد يحذفون عن غير قصد معلومات هامة. وأنه لا يصلح إلا لذوي التأهيل العلمي، وأنه يتطلب وقتاً للإجابة عن فقرات أو أسئلة الاستبيان، وصعوبة تحليل إجابات المبحوثين.
جـ ـ الاستبانة المصورة:
وهذا النوع يقدم رسوماً أو صوراً بدلاً من الفقرات أو الأسئلة المكتوبة؛ ليختار المبحثون من بينها الإجابات المناسبة. ويتسم الاستبيان المصور بمناسبته لبعض المبحوثين، من مثل: الأطفال، أو الراشدين محدودي القدرة على القراءة والكتابة، ومقدرة الرسوم أو الصور في جذب انتباه وإثارة اهتمام المبحوثين أكثر من الكلمات المكتوبة، وجمع بيانات أو الكشف عن اتجاهات لا يمكن الحصول عليها إلا بهذه الطريقة.
ويعاب على الاستبيان المصور، بأنه يقتصر استخدامه على المواقف التي تتضمن خصائص بصرية يمكن تمييزها وفهمها، ويحتاج إلى تقنين أكثر من أي نوع آخر، وخاصة إذا كانت الرسوم أو الصور لكائنات بشرية.
د ـ الاستبانة المغلقة المفتوحة:
وهذا النوع من الاستبانات مرة لا يترك للمبحوث فرصة التعبير في إجاباته، بل عليه اختيار الإجابة المناسبة من بين الإجابات المعطاة. ومرة يتيح له هذه الفرصة. ويتسم هذا النوع بتوافر مزايا الاستبيان المغلق 6 ـ عيوب الاستبانة:
أ ــ احتمال تأثر إجابات بعض المبحوثين بطريقة وضع الأسئلة أو الفقرات، ولاسيما إذا كانت الأسئلة أو الفقرات تعطي إيحاءاً بالإجابة.
ب ــ اختلاف تأثر إجابات المبحوثين باختلاف مؤهلاتهم وخبراتهم واهتمامهم بمشكلة أو موضوع الاستبيان.
جـ ــ ميل بعض المبحوثين إلى تقديم بيانات غير دقيقة أو بيانات جزئية؛ نظراً لأنه يخشى الضرر أو النقد.
د ــ اختلاف مستوى الجدية لدى المبحوثين في أثناء الإجابة مما يدفع بعضهم إلى التسرع في الإجابة.
ثانياً: المقابلة:
تعد المقابلة أداة فعالة في حالات معينة،من مثل: أن يكون المبحوثون من الأطفال أو الكبار الأميين الذين لا يستطيعوا كتابة إجاباتهم بأنفسهم كما هو الحال في الاستبانة. بالإضافة إلى نوع مشكلة البحث التي تحتم قيام الباحث بمقابلة أفراد عينة الدراسة وطرح الأسئلة عليهم مباشرة (الكندري، عبدالدايم، 1999م).
وتختلف المقابلة العلمية عن المقابلة العرضية. ويحتاج توضيح طبيعة المقابلة العلمية تناول تعريف المقابلة، وأنواعها، وإجراءات المقابلة، وعوامل نجاحها، ومزاياها وعيوبها على النحو التالي:
1 ـ تعريف المقابلة:
يقصد بالمقابلة "تفاعل لفظي يتم بين شخصين في موقف مواجهة، حيث يحاول أحدهما وهو القائم بالمقابلة أن يستثير بعض المعلومات أو التغيرات لدى المبحوث والتي تدور حول آرائه ومعتقداته" (العواملة، 1995م، ص133).
كما تعرف المقابلة، بأنها "محادثة بين شخصين، يبدأها الشخص الذي يجري المقابلة ــ الباحث لأهداف معينة ــ وتهدف إلى الحصول على معلومات وثيقة الصلة بالبحث" (العنيزي، وآخرون، 1999م، ص142).
وتعرف أيضاً، بأنها عملية مقصودة، تهدف إلى إقامة حوار فعَّال بين الباحث والمبحوث أو أكثر؛ للحصول على بيانات مباشرة ذات صلة بمشكلة البحث.
2 ـ أنواع المقابلة:
تتنوع المقابلات. كأداة للبحث التربوي، وتصنف بطرق عديدة، وهي: (العواملة، 1995م)
أ ـ تصنيف المقابلات وفقاً للموضوع:
- مقابلات بؤرية، وتركز على خبرات معينة أو مواقف محددة وتجارب مر فيها المبحوث، من مثل: حدث معين أو المرور بتجربة معينة.
- مقابلات إكلينيكية، وتركز على المشاعر والدوافع والحوافز المرتبطة بمشكلة معينة، من مثل: مقابلات الطبيب للمرضى.
ب ـ تصنيف المقابلات وفقاً لعدد الأشخاص:
- مقابلة فردية أو ثنائية، ويلجأ الباحث لهذا النوع إذا كان موضوع المقابلة يتطلب السرية، أي عدم إحراج المبحوث أمام الآخرين.
- مقابلة جماعية، وتتم في زمن واحد ومكان واحد، حيث يطرح الباحث الأسئلة وينتظر الإجابة من أحدهم، وتمثل إجابته إجابة المجموعة التي ينتهي إليها. كما أنه في بعض الأحيان يطلب من كل فرد في المجموعة الإجابة بنفسه، وبالتالي يكون رأي المجموعة عبارة عن مجموع استجابات أفرادها.
جـ ـ تصنيف المقابلات وفقاً لعامل التنظيم:
- مقابلة بسيطة أو غير موجهة أو غير مقننة، وتمتاز بأنها مرنة، بمقدور المبحوث التحدث في أي جزئية تتعلق بمشكلة البحث دون قيد، كما أن للباحث الحرية في تعديل أسئلته التي سبق وأن أعدها.
- مقابلة موجهة أو مقننة من حيث الأهداف والأسئلة والأشخاص والزمن والمكان. حيث تتم في زمن واحد ومكان واحد، وتطرح الأسئلة بالترتيب وبطريقة واحدة.
ثالثا الملاحظة
1- تعريف الملاحظة
يقصد بالملاحظة "الانتباه المقصود والموجه نحو سلوك فردي أو جماعي معين؛ بقصد متابعته ورصد تغيراته ليتمكن الباحث من وصف السلوك فقط، أو وصفه وتحليله، أو وصفه وتقويمه" (العساف، 1989م، ص406)
كما تعني أيضاً معاينة منهجية لسلوك المبحوث ــ أو أكثر ــ يقوم بها الباحث مستخدماً بعض الحواس وأدوات معينة؛ بقصد رصد انفعالات المبحوث وردود فعله نحو جوانب متعلقة بمشكلة البحث، وتشخيصها وتنظيمها وإدراك العلاقات فيما بينها.
2 ـ أنواع الملاحظة:
للملاحظة العلمية أنواع، تصنف إلى فئات، هي: (العواملة، 1995م)، (عدس، وآخرون، 2003م)
أ ــ أنواع الملاحظة وفق التنظيم:
- ملاحظة بسيطة، وهي غير منظمة، وتعد بمثابة استطلاع أولي للظاهرة.
- ملاحظة منظمة، وهي المخطط لها من حيث الأهداف، والمكان والزمن، والمبحوثين، والظروف، والأدوات اللازمة .
ب ــ أنواع الملاحظة وفق دور الباحث:
- ملاحظة بالمشاركة، وهي التي يكون الباحث فيها عضواً فعلياً أو صورياً في الجماعة التي يجري عليها البحث.
- ملاحظة بدون مشاركة، وهي التي يكون الباحث فيها بمثابة المراقب الخارجي، يشاهد سلوك الجماعة دون أن يلعب دور العضو فيها.
جـ ـ أنواع الملاحظة وفق الهدف:
- ملاحظة محددة، وهي التي يكون لدى الباحث تصور مسبق عن نوع البيانات التي يلاحظها أو نوع السلوك الذي يراقبه.